22 أيلول 2024
التماس 24-08-16264 أزمة تزويد قرية كفر عقب بالمياه
ملخّص: تعقيب وتحديث من طرف الملتمسين
طلب عاجل لإصدار قرار بشأن الطلب لإصادر أمر مؤقت
الملتمسون: 1. تقي الدين قيسي
2. سمير أبو خلف
3. هند أشهب
4. نعيم جمجوم
5. أحمد نمر
6. عير عميم
7. جمعية حقوق المواطن في إسرائيل
- ضد -
المُدَّعى عليهم:
1. وزير البنى التحتية القومية، الطاقة والمياه
2. السلطة الحكومية للمياه والصرف الصحي
3. شركة "هجيحون" م. ض.
4. "مكوروت" شركة المياه الوطنية
5. بلدية القدس
6. شركة المياه لمنطقة القدس
بناء على قرار المحكمة الموقّرة، يتشرف الملتمسون بتقديم تعقيبهم على بلاغ التحديث الذي قدمه المدَّعى عليهم يوم 16.9.24، مرفقًا بطلب عاجل لإصدار قرار بشأن طلبهم، الذي أرفق بالالتماس، لإصدار أمر مؤقت. هذا الأمر ضروريٌ حيال الوضع المأساوي القائم في المدارس والمؤسسات الصحية وبسبب ضائقة السكان. أصبح نقص المياه واضحًا بقوّة في المؤسسات التعليمية، في أجزاء الحي التي لا يزال يجري تزويدها بالمياه يومين في الأسبوع على الأكثر، بعد أن عاد الطلاب والمعلمون للدراسة والتدريس في بداية شهر أيلول. ويبرز النقص بصورة خطيرة أيضًا في صناديق المرضى في تلك المناطق وهو يلازم السكان الذين يعيشون فيها.
1. لنبدأ بما هو مفهوم ضمنًا: واجب تزويد كفر عقب بالمياه، وهو الحي الواقع ضمن منطقة نفوذ بلدية القدس، ملقى باكامل على دولة إسرائيل. بالرغم من ذلك، وبدلًا من دراسة واقتراح حلول واقعية للمدى القصير وكذلك للمدى المتوسط ـ الطويل، كما أمرت المحكمة في قرارها من يوم 28.8.2024، يواصل المدّعى عليهم دحرجة المسؤولية على المدّعى عليها رقم 6 (شركة المياه لمنطقة القدس) واشتراط أي حل بجملة من الإجراءات التي ينبغي عليها تنفيذها. وهذا، على الرغم من حقيقة أن شركة مياه رام الله قد أعلنت، في ردّها الأولي، أن منطقة كفر عقب هي جزء لا يتجزأ من مجمل المنطقة التي تسري عليها حقوق الامتياز الخاصة بها.
2. الأمر المؤقت مطلوب بسبب استمرار أزمة المياه في الحي الكبير جدًا ونظرًا لأنه لا تلوح في الأفق أية بشائر لأي حل فوري، حيوي. هذا ما يبيّنه بلاغ التحديث الذي قدمه المدعى عليهم، وهذا ما تبيّن أيضًا خلال البحث في أزمة الميياه في الحي والذي جرى يوم 17.9.2024 في اللجنة الفرعية للرقابة على المياه، والمبثقة عن لجنة الاقتصاد التابعة للكنيست.
3. البحث المذكور جرى في اللجنة المذكورة بعد ساعات قليلة من اللقاء الذي جرى بين ممثلي شركة هجيحون ومهندسي شركة المياه في رام الله. وقد كان هدف اللقاء المذكور فحص إمكانية إعطاء شركة رام الله زيادة فورية في كمية المياه تبلغ 4,800 كوب في اليوم، تزوّدها شركة هجيحون. وعلى الرغم من الحاجة الملحّة جدًا إلى تزويد الحي بالميتاه بصورة فورية، وهو ما لا ينكره المدعى عليهم، إلا أنه تبيّن أن الأمر غر قابل للتنفيذ خلال الأشهر القريبة، للأسف.
4. مدير قسم مشاريع المياه والصرف الصحي في وزارة البنى التحتية، السيد إيتاي ساغي، أبلغ في جلسة اللجنة الفرعية بأن اللقاء قد جرى في الميدان، بغية تنسيق موقع لوصل البنى التحتية التابعة لشركة هجيحون بالبنى التحتية التابعة لشركة المياه الفلسطينية، لغرض استيعاب المياه. لكن تبين خلال اللقاء أن الأمر غير ممكن إطلاقًا، بسبب عائق هندسيّ في البنى التحتية التابعة لشركة المياه الفلسطينية، والذي لا يسمح باستيعاب الزيادة في كمية المياه؛ وأنّ هنالك حاجة إلى لقاء أوسع، سوية مع شركة مكوروت، للبحث عن وإيجاد بدائل هندسية. وأضاف مدير قسم مشاريع المياه والصرف الصحي في وزارة البنى التحتية إن الحل لاستيعاب الزيادة في كمية المياه اليومية يتطلب توفير بنى تحتية إضافية أخرى، تشمل قطع الجدار الفاصل "بكل ما في ذلك من تعقيدات، لكن الأمر ليس مستحيلًا". وردًا على سؤال رئيس اللجنة، عضو الكنيست زئيف إلكين، حول المدة الزمنية التي يستغرقها هذا الأمر، قال السيد ساغي إن تجربة الماضي تدلّ على أنه سوف يستغرق "بضعة أشهر، إن لم يكن أكثر".
5. في بلاغ التحديث الذي قدمه المدّعى عليهم، ورد بخصوص حلول المياه للمدى البعيد أن شركة مكوروت تعمل على تطوير البنى التحتية بحيث تصبح في منتصف العام 2025 قادرة على تزويد الشركة الفلسطينية بالزيادة في كمية المياه، ومن المتوقع إنهاء هذا العمل التطويري وإتمامه في العام 2026. هذا الحل مرهون بأنّ "على السلطة الفلسطينية الاستعداد لاستيعاب الزيادة في كمية المياه". كما ورد في بلاغ التحديث، أيضًا، أنه في ختام الطاولة المستديرة التي نظمها المدعى عليهم، وفقًا لقرار المحكمة، اتفق على أن سلطة المياه ودائرة ضابط المياه في الإدارة المدنية "توضّحان للجهات المعنية في السلطة الفلسطينية، مرة أخرى، الجداول الزمنية للزيادة المتوقعة في كمية المياه في أعقاب الأعمال التطويرية المذكورة، وتطلبان منها إجراء الاستعدادات اللازمة لاستيعاب هذه الزيادة في كمية المياه".
6. جرى لقاء الطاولة المستديرة في يوم 5.9.2024. لكن تحديث المدعى عليهم والبحث الذي جرى في اللجنة الفرعية لم يتضمّنا أية إشارة عمّا إذا كان قد تم، خلال الفترة التي انقضت، أي توجه إلى السلطة الفلسطينية، وهو أمر حيوي ـ في نظر المدعى عليهم ـ لأي حل لأزمة المياه في كفر عقب، سواء كان فوريًا أو مستقبليًا، وماذا كان رد السلطة الفلسطينية على مثل ذلك التوجه. إلا أنّ مثل هذا التحديث ضروري بشكل خاص في ضوء ما تبين خلال مداولات المحكمة في الالتماس، ثم لال البحث الذي جرى في لجنة الكنيست أيضًا، ومؤدّاه أنه من غير الممكن إجبار السلطة الفلسطينية على إعطاء الأولوية للمستهلِكين بشكل مغاير لما هو قائم اليوم، والذي يُعتبر حي كفر عقب، بموجبه، مستهلِكًا مثل جميع المستهلكين الآخرين في المنطقة.
7. ثمة أمر واحد واضح: حتى لو تم التوصل إلى حل هندسي قابل للتطبيق بطريقة خاصة بالحيّ، وتجند المدعى عليهم جميعًا وكذلك السلطة الفلسطينية معًا لإخراج الحل إلى حيز التنفيذ (وهو أمر غير مؤكد وغصر مضمون، كما ورد)، فإن تنفيذه سوف يتطلب فترة زمنية طويلة. لكنّ السكان، كما سنبيّن أدناه، لا يستطيعون الانتظار.
8. الوضع المرعب الذي تعيشه المدارس وعيادات صناديق الموضى في المناطق التي يقتصر فيها تزويد المياه على يومين في الحد الأقصى كل أسبوع، والوضع الصعب الذي يعانيه السكان في المنطقة ـ يحتّمان إيجاد حلول مستعجلة.
9. وضع السكان الذين يقيمون في المناطق التي تبرز فيها بوضوح ضائقة المياه في كفر عقب، وخاصة في حارتيّ سميراميس وزرير، لا يزال على حاله، كما تم وصفه في الالتماس.ولا يزال هؤلاء السكان يواصلون تقليص كمية المياه التي يستهلكونها والتقليل من أعمال التنظيف والاستحمام،. وبالرغم من ان إمدادات المياه قد ازدادت قليلًا منذ تقديم الالتماس، من بضع ساعات حتى يوم في الأسبوع إلى يوم ونصف حتى يومين في الأسبوع، إلا أنه ليس في ذلك ما يكفي لملء الخزانات الموضوعة على أسطح المنازل، بشكل دائم، وهو ما يضطر السكان إلى مواصلة شراء المياه بأسعار باهظة ومبالغٍ فيها من تجار القطاع الخاص، حتى لو بوتيرة أقل.
10. أخذًا في الاعتبار أن وضع السكان وإسقاطات نقص المياه على حياتهم قد عُرِضت بالتفصيل في الالتماس، فسيركز الملتمسون في هذا التحديث، بصورة أساسية، على وضع المياه في المؤسسات العامة ـ في المدارس وعيادات صناديق المرضى. ذلك أن النقص الحاد والواضح في المياه في هذه المؤسسات، بما يسببه من ضرر على آلاف الطلاب، الأولاد الصغار والفِتْيان، وعلى آلاف المرضى والمعالَجين المحتاجين إلى خدمات صناديق المرضى، وكذلك على آلاف أعضاء الطواقم التعليمية والعلاجية، يؤكد ويعمق الحاجة الملحة إلى إيجاد حل عاجل وفوري، يستدعي إصدار الأمر المؤقت.
11. هذا ما صرّحت به مديرة المدرسة البلدية للبنات، من سن الروضة حتى الصف الثامن، والتي تتعلم فيها 750 طالبة، في الإفادة التي أدلت بها يوم 16.9.2024:
"افتتحنا السنة التعليمية يوم الإثنين الموافق 2.9.2024. لم تكن المياه متوفرة في الحنفيّات، إطلاقًا. في الماضي، حاولتُ التوجه إلى البلدية بهذا الشأن، لكنهم قالوا لي إنه ينبغي عليّ إيجاد طريقة لحلّ هذا الموضوع بنفسي، فاشتريتُ المياه. لديّ الكثير من الخزّانات على السطح، لكنّ هذا يشكّل خطرًا على سلامة البناية وثباتها وهو غير آمِن.
المياه التي اشتريتُها كانت كافية لثلاثة أيام تقريبًا. في يوم الجمعة، تدفقت المياه في الحنفيات، فجأة، فملأنا الخزانات. لكنها سرعان ما فرغت. هذه مدرسة تتعلم فيها طالبات صغيرات، يحتجن إلى الذهاب إلى المراحيض باستمرار، ويحتجن إلى غسل أيديهنّ ووجوههنّ. كما نحتاج إلى المياه لتنظيف الصفوف، المراحيض والمدرسة عمومًا. لكن منذ بداية السنة الدراسية وحتى اليوم لا تصل المياه إلى المدرسة سوى يومين على الأكثر خلال الأسبوع. ولا يمكن الاعتماد على المياه التي تُشتَرى من جهات خاصة، إضافة إلى أنني لا أملك المال الكافي لذلك. أنا أشنري المياه من مالي الخاص. لا أحد يعيدُه إليّ.
للنقص في المياه انعكاسات وآثار قاسية على الطالبات وعلى الطاقم التعليمي. والمياه لا تتوفر في منازل الطالبات أيضًا. يغادرن منازلهن متوجّهات إلى المدرسة من دون أن يغسلن وجوههنّ، من دون أن يفركن أسنانهنّ، من دون أن يرتّبن شعورهنّ ويردتين ثيابًا ملوثة. ثم يصلن إلى المدرسة، المكان الذي يُفارَض أن يكون آمنًا، فلا يجدن فيها المياه أيضًا.
الغرف التعليمية ملوثة وتنبعث فيها روائح كريهة. المدرسة هي عبارة عن بناية مستَأجَرَة، المراحيض موجودة في وسط الرواق، بين الغرف التعليمية. ونظرًا لانعدام القدرة على شطف الكقاعد في المراحيض وتنظيفها، فإن الرائحة الكريهة القوية المنبعثة منها تصل إلى الغرف التعليمية أيضًا. المعلمات لا يستطعن التعليم والطالبات لا يستطعن التعلُّم. الوضع هنا سيء للغاية. الجميع هنا يعاني، العلمات، الطالبات وجميع العاملات والعاملين في المدرسة.
لدينا طالبات في الصفوف العليا بدأت تظهر لديهن الدورة الشهرية، وأنا لا أريد مجرد التفكير في ما يحصل لهنّ وما يمرّ عليهنّ بدون المياه. أحيانًا، أسمح لهنّ بالعودة إلى منازلهنّ. أعرف أن المياه غير متوفرة هناك أيضًا، لكنّ هذا أقصى ما يمكن أن أفعله.
البنات يخجلن/ المعلمات يخجلن، وأنا أأخجل. في منزلي أنا أيضًا، لا تتوفر المياه. تعلمتُ في الجامعة كل شيء عن التربية، لكنني لم أتعلّم في أي مكان عن كيفية مواجهة مثل هذه الضائقة".
12. مدير مدرسة البنين،من سن الروضة حتى الثانوية، هو أحد سكان كفر عقب ويشغل أيضًا منصب المستشار التربوي في مدرسة أخرى، يتحدث هو أيضًا عن آثار وانعكاسات النقص في المياه في المدرسة. في كلتا المدرستين، معًا، يتعلّم نحو 3,300 طالبة وطالب، في سبعة مبانٍ مختلفة، على سطح كل واحد منها هنالك خزانات مياه:
"المياه القليلة التي تصل إلى الحنفيات والمياه التي أشتريها لا تكفي لسد الاحتياجات اليومية الجارية للمدرسة، للمعلمين وللطلاب. الوضع في المدرستين كلتيهما صهبٌ جدًا. في الأيام التي لا تتوفر فيها الياه الجارية،/ نلجأ إلى استعمال المياه التي في الخزانات، لكن للشرب فقط. ليست لدينا مياه لغسل الوجوه أو للانتعاش، لغسل اليدين، ولا للتنظيف وشطف المقاعد في المراحيض. غرف المراحيض ملوثة وتنبعث مننها الرائحة الكريهة بشكل دائم. شرحنا للطلاب الكبار حقيقة الوضع، هم يفهمون ويحاولون التحمّل وضبط أنفسهم وتقليل مرات وكميات المياه التي يشربونها. أما الأولاد الصغار، فلا يمكننا أن نطلب مثل هذه الأمور منهم...
لدينا في أحد المدارس "دوش". في الأيام التي تكون فيها المياه جارية ومتوفرة، نستخدم "الدوش" لغسل الأولاد الصغار، الذين لا يزالون يتبولون في فراشِهم ليلًا ولا يستطيعون الاستحمام لأن المياه غير متوفرة في منازلهم. وفي كل الأحوال، الروائح الكريهة في المدرسة قوية وحادة جدًا ولا يمكن ترك الطلاب والمعلمين يختنقون تمامًا في داخل الصفوف التعليمية.
لا يؤثر نقص المياه على الجوّ العام في المدرسة فحسب، بل ثمة له آثار وانعكاسات جدية وهامة على الطلاب أنفسهم. الطلاب الكبار يتعلمون في العادة أيامًا تعليمية طويلة، لكن بعد الساعة الخامسة، لا يعود بالإمكان الاستمرار. الطقس حار جدًا عليهم، يعودون من الاستراحة مبللين من العرَق، لكن لا يستطييعون الانتعاش. يفقدون القدرة على التركيز، تمامًا. لا يمكن التعليم في هكذا ظروف. هؤلاء طلاب الصفوف العليا، الذين يتوجب عليهم التعلّم بجديّة لتحقيق النجاح في الامتحانات.
الوضع قاسٍ جدًا أيضًا على المعلمين وجميع العاملين في المدرسة. فهم يفكرون مرتين قبل أن يشربوا، كي لا يحتاجوا على استعمال المراحيض. لقد أصابهم اليأس ولم يعودوا قادرين على التدريس ولا يرغبون في الدخول إلى الصفوف التعليمية، وخاصة في الجزء الثاني من يوم التعليم.
توجهتُ إلى البلدية مرارًا وتكرارًا. في السنة الماضية قالوا إن الموضوع تحت مسؤولية شركة "هجيحون" وبادروا إلى عقد لقاءات، لكنها لم تسفر عن أي شيء. هذه السنة، هم لا يقولون هذا حتى. أنا أتحدث مع مساعد رئيس البلدية لشؤون العرب مرتين ـ ثلاث مرات كل أسبوع، لكن ليس لديه أي حل لي أو لأي من المؤسسات التعليمية الأخرى في كفر عقب. حتى أن البلدية لا تدفع ثمن المياه التي أشتريها أنا. بل إنها لم تعرض ذلك، مطلقًا. ولكن، حتى لو عرضت لما كان بإمكاني تقديم الإيصالات اللازمة لها. فنحن نشتري المياه من أفراد. هذا التسيب والإهمال يجب أن ينتهيا. آلاف الطلاب والمعلمين يعانون كثيرًا".
13. جمعت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إفادات من مديري عيادات صناديق المرضى في الحي، أيضًا. وكما في المدارس، فإن العيادات العاملة في الأحياء في كفر عقب، والتي تعاني من شحّ إمدادات المياه، ومن بينها حيّا سميراميس وزرير، تجد صعوبة بالغة في العمل وتقديم خدماتها. وهذا ما أفاد به أحد سكان القرية، الذي يدير عيادتين، ينتمي إليهما 11,000 إنسان:
"نحن نعاني من نقص في المياه منذ أشهر، إذ تتدفق المياه في الحنفيات يوم ـ يومين فقط في الأسبوع. أنا أشتري المياه مرتين في الأسبوع، أملأ أربعة خزانات في كل مرة. هذه الكمية تكفي للعلاجات، لتعقيم الأدوات، لكن ليس لأكثر من ذلك. ولا حتى للشرب. أحيانًا أشتري أيضًا زجاجات المياه لكي يستطيع الزبائن الشرب، على الأقل.
العيادة مكان يجب أن يكون لامعًا، بمنتهى النظافة. أنا أشغّل عامليّ نظافة، أحدهما يعمل في وردية صباحية والثاني في وردية مسائية. عندما لا يكون ثمة نقص في المياه نحن نشطف العيادات خمس مرات في اليوم. في السادسة صباحًا تجرى عملية شطف شاملة للعيادة كلها، وفي الثامنة والعاشرة صباحًا نقوم بعملية الشطف الثانية. وكذلك بعد الظهر وفي المساء. لدينا نظام يقضي بدخول عامل النظافة إلى غرف المراحيض لتنظيفها مرة كل نصف ساعة. لكن عندما لا تتوفر المياه الجارية، لا يمكننا القيام بعملية التنظيف، لا في البناية ككل ولا في غرف المراحيض. روائح الصرف الصحي نتنة وكريهة جدًا، والروائح في العيادة كلها نتنة وكريهة جدًا. المرضى يشكون. لا يفهمون كيف نعمل نحن، عيادات صناديق المرضى، في مثل هذا الوضع. لا نملك إجابات على تساؤلاتهم. أنا أشرح لهم أن الوضع في العيادات هو مثل الوضع في منازلهم" (أنظروا الملحق ب).
14. الأمر المؤقت الذي طلبنا إصداره في الالتماس كان يبتغى منه أمر السلطة الحكومية للمياه والصرف الصحي بالإعلان عن أزمة المياه في كفر عقب باعتبارها مسًّا بالمياه، وفق تعريفه في قانون المياه. ذلك أن هذا الإعلان يُلزم المدعى عليهم باتخاذا سلسلة من الإجراءات، بما فيها ضمان إمداد المياه عمومًا ومياه الشرب خصوصًا، بوسائل بديلة.
15. لا جدال على أن في كفر عقب نقصًا حادًا في مياه الشرب وفي المياه بشكل عام، أيًّا كان المسبّب له. في الوقت الذي يضطر فيه آلاف الطالبات والطلاب، المعلمات والمعلمين إلى قضاء ساعات طويلة كل يوم في داخل الصفوف التعليمية والمؤسسات التعليمية النتنة، دون أية قدرة على شطف مقاعد المراحيض وغسل الأيدي، ويضطرون إلى تقليص كميات الشرب وضبط النفس عن استخدام المراحيض؛ في المكان الذي يأتي فيه الأطفال إلى روضاتهم بعد أن يكونوا قد تبولوا في ملابسهم خلال الليل دون القدرة على الاستحمام، ثم يلقون أنفسهم في مؤسسات تعليمية لا تتوفر فيها المياه أيضًا؛ وفي حين لا تستطيع البنات فرك أسنانهن في الصباح والفتيات الشابات في فترة الحيض لا يستطعن غسل أنفسهن؛ وبينما لا يستطيع المرضى ذوو الحالات الصعبة الاستحمام ويضطرون إلى تجميع المياه من مكيفات الهواء؛ في الوقت الذي يضطر فيه آلاف المتعالِجين في عيادات صناديق المرضى إلى تلقي العلاجات في عيادات قذرة ومليئة بالروائح الكريهة، وبدون مياه للشرب في بعض الأحيان؛ وبينما يضطر السكان إلى شراء المياه بأسعار لا تخضع للرقابة، وأعلى من أسعار المياه الموحدة في إسرائيل بنحو 10 أضعاف وأكثر، فإن هنالك حاجة إلى إجراءات فورية حازمة، تترتب بشكل إلزاميّ عن إعلان الحدث مسَّا بالمياه.
16. يعي الملتمسون ما ورد في بيان الدولة في مستهل الجلسة، عن أنه بالرغم من قرار سلطة المياه بوجود ما يبرر إقامة محطات لتوزيع المياه للسكان، إلا أنه "ليس ثمة إمكانية أمنية لتنفيذ ذلك في الظروف الحالية". ولكن، طالما أن هذا هو الحال، فعليها إذًا أن تتبنى حلولًا مُبتَكَرة من أجل حل أزمة المياه المستمرة منذ أربعة أشهر في هذا الحيّ المقدسيّ. على سبيل المثال، من خلال تعيين شركة مياه عربية لتوفير وإمداد المياه في حالات الطوارئ، وهي مهمّة محدّدة في أنظمة الإضرار بالمياه؛ أو عبر الاستعانة بمقاولين، مثلما تفعل البلدية التي تجمع وتزيل يوميًا جيال القمامة التي يُنتجها عشرات آلاف السكان، وندما تدخل شركة هجيحون إلى القرية، بشكل متكرر وخلال فترات متقاربة جدًا، لتنفيذ أعمال الصيانة.
17. توثيق أعمال البلدية في الحيّ، لجمع وإخلاء القمامة ومكافحة الحشرات، وكذلك أعمال شركة "هجيحون" في كفر عقب، والذي أُرفِق ببيان التحديث، يدلّ بشكل واضح على أن هذه الأعمال تتم بدون أية مرافقة من جانب فرق مسلّحة.
18. حتى من دون الحاجة إلى الإعلان عن حدث إضرار بالمياه، تحدّد قوانين المياه المعيار القانوني لمعالجة حالات انقطاع المياه وتوفر حلولًا لنقص المياه في المؤسسات العامة. المعيار الذي تم تحديده للبلدات في داخل إسرائيل، والذي ينبغي تطبيقه هنا أيضًا، هو أن هنالك واجبًا إلزاميًا لضمان منالية المياه وحلول الصرف الصحي في المؤسسات العامة، مثل المدارس والعيادات. وتبيّن إفادات مديري المؤسسات التعليمية والعيادات الصحية، والتي أوردناها أعلاه، أن هنالك حاجة ملحّة لذلك.
19. إن هذا الخروج عن المعيار، النابع من تسوية تاريخية تقضي بأن المياه التي تصل إلى حيّ في داخل القدس يتم شراؤها من شركة مكوروت، لكن يتم تزويدها بواسطة شركة مياه رام الله، والتي هي ليست مزوّدًا مُعتمَدًا للمياه في إسرائيل، والتي لا تسري عليها قانون المياه وأنظمة المياه المُعدَّة لتحقيق الحق في المياه وتنظيمه، لا يعفي المدّعى عليهم من واجبهم القانوني في الاهتمام وضمان إمداد المياه بصورة منتظَمة، بجودة لائقة، لجميع سكانها ومواطنيها، وتوفير حلول فورية للنقص الحاد والخطير في المياه، وكذلك حلول الصرف الصحي للسكان، حتى لو ساء حظّهم وشاءت أقدارهم أن يسكنوا خلف الجدار الفاصل.
20. يدرك الملتمسون مدى تعقيد الأمور، كما يدركون أيضًا عدم توفر عصا سحريّ يمكن الضرب به واستخراج المياه من الصخر على الفور. إلا أنّ أزمة المياه في كفر عقب مستمرة منذ أربعة أشهر، في ذروة الصيف الأشدّ حَرًّا الذي مرّ على إسرائيل ولى العالم بأسره منذ بدأ قياس درجة الحرارة. ويحدد الالتماس، وكذلك هذا الردّ، الآثار والعواقب الوخيمة على السكان جميعًا، صغارًا وكبارًا ـ في المدارس، في العيادات وفي المنازل. ورغم أن المدعى عليهم مُطّلِعون على هذا الوضع وعلى عِلم به منذ ثلاثة أشهر على الأقل، ورغم الضائقة الشديدة، إلا أنّ قطرة مياه إضافية واحدة لم تعبر الجدار منذ بداية الأزمة، ولا حتى في أعقاب هذا الإجراء القانونيّ. الدولة هي التي اختارت بناء الجدار الفاصل التي بقي خلفه، خلافًا لرغبتهم وإرادتهم، نحو مائة ألف من المواطنين والمقيمين الدائمين الإسرائيليين. ولا يجوز لها مواصلة التخلي عنهم وإهمالهم، من خلال الانتهاك القاتل والمتواصل لحقهم في المياه، في الصحة، في المساواة وفي الكرامة. قانون المياه، أنظمة الإضرار بالمياه وقواعد الخدمة تتضمن تفاصيل الأدوات التي يمكن للمدعى عليهم استخدامها. وكما أوضح مدير قسم مشاريع المياه والصرف الصحي في سلطة المياه: عبور الجدار أمرٌ مركَّب، لكنه غير مستحيل.
بناء على كل ما تقدم، نطلب من المحكمة الموقرة إصدار أمر مؤقت، كما هو مُبيَّن في الالتماس.