top of page

تغييرات أساسية في وضع حقوق الإنسان في ظل الحرب - الجزء الثاني




مذكّرة قانون الشاباك

بتاريخ 11.12.2023 تم نشر مذكرة قانون شاملة لتعديل قانون الشاباك، وهي أول تعديل على القانون الذي تم تمريره في الكنيست قبل 21 عامًا. تُعد المذكرة استجابة، للعديد من الأمور من ضمنها التماسين تقدمت بهما جمعية حقوق المواطن، حيث زُعم فيهما أن الشاباك يستخدم برامج تجسس ويجمع بيانات الاتصالات من دون أن يملك صلاحية قانونية. ولكن بدلاً من تشديد الرقابة على أدوات المراقبة المتطورة التي يمتلكها الشاباك، يبدو أن المذكرة تهدف بشكل أساسي إلى منحه المزيد من الصلاحيات وأدوات التجسس المتطورة، دون توفير حماية كافية، أو حتى تقريبية، لحقوق المواطنين. على سبيل المثال، تقترح المذكرة منح الشاباك سلطة إجراء بحث سري في الهواتف المحمولة باستخدام برامج التجسس، وحتى حذف أو تعطيل محتويات الهاتف المحمول دون الحاجة إلى أمر قضائي، وإنما بموافقة رئيس الوزراء أو رئيس الشاباك. يمثل منح الشاباك سلطة اختراق الهواتف دون رقابة خارجية فتحًا لباب للتجسس على المواطنين، وقد يُستخدم للتجسس على معارضي النظام، والصحفيين، وأعضاء المعارضة، بل وحتى تجريم الأبرياء تحت ذريعة أمن الدولة.

تتجاهل مذكرة القانون هذه، التوجه السائد في الدول الديمقراطية لتعزيز الرقابة الخارجية على الأجهزة الأمنية التي تستخدم أنظمة مراقبة متطورة، وتستمر في اتباع نفس النهج الذي كان قائمًا قبل 20 عامًا، والذي يسمح للشاباك بالعمل من دون رقابة خارجية وبموافقة رئيس الوزراء، الذي يُعد شخصية سياسية. في عصر الاستقطاب هذا، حيث يتسم الوضع من ناحية بتسييس التعيينات وإضعاف دور المستشارين القانونيين، والذي صارت فيه أدوات المراقبة أقوى بشكل غير مسبوق مقارنة بالماضي من ناحية أخرى، فإن السماح للشاباك بمواصلة العمل دون شفافية أو رقابة خارجية فعالة يشكل مشكلة كبيرة.


الانقلاب الصامت: تسريع ضم الضفة الغربية

في ظل هجوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر والحرب في غزة والشمال، بقيت سياسة الحكومة تجاه نظام الاحتلال في الضفة الغربية على هامش النقاش العام. ومع ذلك، تقوم الحكومة في ظل الحرب، حيث يتجه الاهتمام العام نحو قضايا أخرى، بإحداث تغييرات جذرية فيما يتعلق بالسيطرة على الضفة، ومعظم هذه التغييرات تمر في الخفاء. خلال العامين الماضيين، عززت الحكومة بشكل كبير سياسة تهدف إلى تسريع عملية ضم الضفة الغربية، مع ترسيخ التفوق اليهودي وإقصاء السكان الفلسطينيين، تمهيدًا لتحقيق الرؤية الكاملة لتطبيق السيادة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة.

يتم ضم الضفة الغربية بوسائل وأساليب متنوعة، منها: إجراء التغييرات الهيكلية في الحكم العسكري؛ التعديلات التشريعية؛ تخصيص الميزانيات والتوسيع الضخم للمشروع الاستيطاني؛ واستخدام العنف كأداة للضم والتهجير. يستعرض تقرير نشرناه مؤخرًا بالتعاون مع منظمتي "ييش دين" و"أوفك" و"كسر الصمت" بشكل موسع تحركات الحكومة، وللتوضيح سنشير هنا باختصار إلى مثالين بارزين.

نقل المسؤولية عن الصلاحيات المتعلقة بالشؤون المدنية في الضفة الغربية من الجيش إلى جهات سياسية

لدى تشكيل الحكومة، تم تعيين بتسلئيل سموتريتش وزيرًا للمالية ووزيرًا إضافيًا في وزارة الدفاع. ووفقًا للاتفاقات الائتلافية، تم إنشاء ما يشبه "وزارة داخل وزارة" في وزارة الدفاع، تحمل اسم "مديرية الاستيطان"، ويترأسها أحد المقربين من سموتريتش. لقد تم نقل جميع الصلاحيات المتعلقة بإدارة حياة سكان الأراضي المحتلة اليومية من يد القائد العسكري إلى يد الوزير سموتريتش وإدارة الاستيطان، مما جعل الوزير بمثابة "الحاكم الفعلي" للضفة الغربية بحكم الواقع والقوة، حيث يتمتع بحرية تفضيل مصالح الاستيطان بشكل واضح ومعلن.

بالإضافة إلى ما تقدّم، تمّ، في نهاية شهر أيار/مايو تعيين مدني نائبًا لرئيس الإدارة المدنية، وتم منحه صلاحيات واسعة. ورغم أن مسمّاه الوظيفي هو نائب لرئيس الإدارة، إلا أنه ليس جزءًا من النظام العسكري، بل يتبع لمديرية الاستيطان. وقد تم نقل جميع الصلاحيات المتعلقة بإدارة الأراضي في الضفة الغربية، والملكية، والتخطيط والبناء، والآثار، والبنية التحتية، والاتصالات، والزراعة، وحماية البيئة، وحماية البيئة، وشرعنة البؤر الاستيطانية إلى يديه. يمنع الإجراء الذي ينظم تفويض هذه الصلاحيات رئيس الإدارة المدنية من تعليقها أو رفضها، إلا في حالات نادرة جدًا وبموافقة المستوى السياسي. بالإضافة إلى ذلك، تم نقل جميع الاستشارات القانونية المتعلقة بالجوانب المدنية في المنطقة من وحدة المستشار القانوني لمنطقة يهودا والسامرة في النيابة العسكرية إلى الاستشارات القانونية لمديرية الاستيطان.

تعني هذه التغييرات تحويل السيطرة على الضفة الغربية بشكل كامل إلى سلطة مدنية، وإخضاعها لجهة سياسية بحتة. سحب الصلاحيات من القائد العسكري، الذي يُعتبر وفقًا للقانون الدولي السيادي (المؤقت) في الأراضي المحتلة، يتعارض بالطبع مع القانون الدولي ويشكل في الواقع ضمًا.

مساندة وتشجيع عنف المستوطنين

حتى في الأوقات العادية، يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية للعنف من قبل المستوطنين، ومنذ بداية ولاية الحكومة الحالية ازدادت هذه الهجمات من حيث شدتها وتواترها. ولكن بعد السابع من تشرين الأول / أكتوبر، وخاصة في الأشهر الأولى من الحرب، وصلت هذه الهجمات إلى مستوى غير مسبوق من حيث نطاق العنف، وشدة الأحداث، وخطورة نتائجها. وقد وقعت، ما بين السابع من تشرين الأول / أكتوبر وحتى منتصف تشرين الثاني / نوفمبر، أكثر من 283 هجمة عنيفة من قبل المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، تخلل بعضها استخدام الذخيرة الحية، مما أسفر عن مقتل 9 فلسطينيين. في العديد من الأحداث، كان المستوطنون المهاجمون مسلحين، وبعضهم يرتدون البزة العسكرية أو أجزاء منها. وغالبًا ما يكون هؤلاء برفقة قوات الجيش التي لا تحرّك ساكنًا لوقف العنف، بل إنها، أحيانًا، تشارك فيه. وتواصل الشرطة الامتناع بشكل منهجي عن الوصول إلى مواقع العنف ضد الفلسطينيين ومعالجة الأحداث، وتضع عقبات أمام تقديمهم لشكاوى، ويبدو أن ذلك نتيجة لسياسة يفرضها وزير الأمن القومي.

تؤثر موجة العنف على المجتمعات في جميع أنحاء منطقة C في الضفة الغربية، وهي جزء من حملة تهجير منهجية تهدف إلى إخلاء المنطقة من الفلسطينيين. وفي ظل غياب أي حماية، تُضطر عائلات بأكملها إلى النزوح من منازلها إلى أماكن أكثر أمانًا. وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، حتى 12 أيلول / سبتمبر 2024، تم تهجير 276 عائلة، تضم 1,627 فردًا، منهم 794 طفلاً. تتسبب موجة العنف أيضًا في أضرار جسيمة للممتلكات، وخاصة تلك الضرورية للبقاء الأساسي وسبل العيش. ولا يقل خطورة عن ذلك التزايد المستمر في عدد الأحداث التي يستولي خلالها المستوطنون على أراضٍ فلسطينية خاصة عن طريق زراعتها، وإقامة الأسوار حولها، وإنشاء بؤر استيطانية جديدة فيها.

يصف التقرير الذي نشرناه بالتعاون مع "يش دين"، و"أفق"، و"كسر الصمت" بشكل مفصل كيف تقود حكومة إسرائيل سياسة واضحة لدعم وتشجيع العنف الذي يمارسه المواطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين. يتم دعم عنف المستوطنين بوسائل متعددة، بضمنها: الحماية الجسدية التي يحصل عليها المهاجمون من الجيش، والحصانة شبه الكاملة من الملاحقة القانونية، والدعم الاقتصادي والمادي للمزارع والمستوطنات غير القانونية، التي تشكل العديد منها بؤرًا للعنف ضد الفلسطينيين، وتجنيد المستوطنين في سلك الاحتياط ونشرهم في مناطق سكنهم، حيث يمكنهم استغلال مكانتهم للاعتداء، والترهيب، والتنكيل بالفلسطينيين تحت غطاء الزي العسكري؛ وغير ذلك. إلى جانب هذه الإجراءات، لا يدين الوزراء البارزون وأعضاء الائتلاف الحكومي هذه الأحداث، بل إن بعضهم ينكر وقوعها، وبهذا يشجعون بصمت وبإيماءة ضمنية استمرار العنف. وفي الواقع، لا تملك الحكومة أية مصلحة في محاربة عنف المستوطنين، بل على العكس: إذ أن العنف يخدم أهدافها المتمثلة في إقصاء الفلسطينيين من المنطقة، وتوسيع سيطرة إسرائيل على أراضي الضفة الغربية المحتلة وضمها إلى إسرائيل.

فرض القيود على حرية التنقّل

منذ اندلاع الحرب، فُرضت العديد من القيود على التنقل في مختلف أنحاء الضفة الغربية وفي الحواجز المحيطة بالقدس. كما فُرضت قيود شديدة على حرية التنقل على السكان الفلسطينيين في منطقة H2 بالخليل، وعلى حي كفر عقب في القدس الشرقية. تؤدي هذه القيود في بعض الأحيان إلى فرض حصار كامل على التجمعات السكانية والقرى، وتحول دون الدخول والخروج من المنطقة، أو نقل المياه والغذاء، أو الوصول إلى الرعاية الطبية والأدوية، أو الإمداد المنتظم بالطعام والماء للحيوانات، أو الذهاب إلى الدراسة والعمل. وتشكل هذه الحواجز انتهاكًا جسيمًا لحقوق الفلسطينيين الأساسية، وتعرض حياتهم وسلامتهم للخطر فوري، سواء بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الضروريات والخدمات الأساسية، أو بسبب تركهم عرضة لعنف المستوطنين دون توفير مسار للهروب.

تشكل القيود الشديدة على التنقل انتهاكًا خطيرًا لواجبات القائد العسكري تجاه السكان المدنيين، وانتهاكًا للحظر المطلق على العقاب الجماعي في القانون الدولي. وحتى في أوقات الحرب الصعبة مثل هذه الأيام، لا يمكن تبرير عزل مجتمعات بأكملها لعدة أيام، والانتهاك الواسع لحقوقهم، وخاصة في المناطق البعيدة عن ساحات القتال.


المساس غير المسبوق بحرية المشبوهين والأسرى

حقوق المشبوهين والمعتقلين

خلال العام الماضي، دفعت الحكومة بمبادرات تشريعية خطيرة تهدف إلى تمكين الشرطة من استخدام أدوات إدارية لتقييد الحريات، وقد تفتح هذه المبادرات الباب لانتهاكات جسيمة بحق المواطنين دون محاكمة.


مقترح قانوني لتشديد شروط الإفراج بالكفالة

المقترح، الذي ذُكر أيضًا في الفصل المتعلق بحرية التعبير أعلاه، يسعى إلى توسيع صلاحيات الشرطة بشكل كبير لفرض قيود صارمة على المعتقلين كشرط لإطلاق سراحهم من الحبس، وتقييد حريتهم في التنقل وحرية الحركة لفترات طويلة، دون موافقة المشتبه به ودون مراجعة قضائية. يعكس هذا المقترح انتهاكًا غير متناسب لحقوق المشتبه بهم، الذين تنطبق عليهم قرينة البراءة، حيث لن يُقدم ضد العديد منهم أي لائحة اتهام.


مقترح قانوني بشأن الأوامر الإدارية في الإجراء الجنائي

يسعى مشروع القانون المذكور إلى تمكين الشرطة من استصدار أوامر قضائية بفرض قيود صارمة على من ينشطون في تنظيمات إجرامية، وذلك استنادًا إلى تقييمات استخباراتية فقط (بدون الحاجة إلى إثبات ارتكاب أفعال إجرامية). وإلى جانب انتهاكه لحقوق الأفراد، يخلق هذا القانون مسارًا بديلاً للمسار الجنائي، خاليًا من التوازنات التي تم وضعها في الإجراءات الجنائية لحماية حقوق المشتبه بهم والمتهمين. وفي الواقع، يبتكر مشروع القانون آلية لتجريم ومعاقبة المواطنين الذين توجد مصاعب في تقديمهم للمحاكمة بسبب نقص الأدلة، ويشجع اللجوء إلى المسار الإداري على حساب المسار الجنائي. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن القانون مخصص لمعالجة الجرائم الخطيرة، فمن المتوقع أن يُطبَّق بشكل غير عادل وانتقائي ضد المجتمع العربي، مما يؤدي إلى إنفاذ مفرط وتضرر مبدأ المساواة.


اعتقال القاصرين بتهم تتعلق بالإرهاب

يسعى مشروع القانون هذا، وهو تعديل لقانون الأحداث (المحاكمة، العقوبات والمتابعة)، إلى السماح باعتقال القاصرين الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا حتى نهاية الإجراءات، وفرض عقوبة السجن الفعلي عليهم إذا كانوا مشتبهين أو مدانين بالقتل أو محاولة القتل في ظروف تتعلق بالإرهاب، أو في إطار نشاط ضمن تنظيم إرهابي. يتعارض هذا التعديل مع المبدأ الذي يميز بين التعامل مع الأحداث المشتبه بهم والمخالفين للقانون وبين تطبيق القانون على البالغين المشتبه بهم والمدانين، ويتجاهل الخصائص الفريدة للقاصرين وضرورة تعديل العقوبات بما يتناسب معهم. يستهدف هذا الاقتراح بشكل أساسي المجتمع العربي، ويتعارض مع التوجهات السائدة في الدول المتقدمة في مجال معاقبة القاصرين، بما في ذلك القاصرين المتورطين في الإرهاب.

حقوق السجناء

منذ انتخابه، حاول الوزير بن غفير التدخل في عمل مصلحة السجون لتعزيز أجندة قومية تهدف إلى الإذلال والانتقام داخل السجون. وفي إطار الانقلاب القضائي، سعى الوزير إلى إدخال اعتبارات سياسية في عمل مصلحة السجون، متجاهلاً موقف الجهات المهنية. وقد تم قبل الحرب، إحباط محاولاته للإضرار بالسجناء من قبل أجهزة الأمن. أما الآن، وتحت ستار الحرب والصدمة العامة، يعمل الوزير على الدفع إلى إحداث تغييرات جذرية في السجون. ورغم أن هذه التغييرات توصف بأنها مؤقتة بسبب حالة الطوارئ، إلا أن هناك مخاوف حقيقية من أن تصبح دائمة مع مرور الوقت.


زيادة الاكتظاظ داخل السجون

تعد أزمة الاكتظاظ الحادة في السجون ومراكز الاحتجاز في إسرائيل مشكلة مستمرة تحولت إلى أزمة حادة حتى قبل الحرب، حيث تجاوزت مصلحة السجون القدرة الاستيعابية بحوالي 2,000 شخص. في عام 2019، تمكنت الدولة، بعد تأخير كبير، من تطبيق المرحلة الأولى من قرار المحكمة العليا القاضي بألا تقل مساحة المعيشة لكل سجين عن 3 أمتار مربعة، وقد اتخذت خطوات، وإن كانت بطيئة وغير كافية، للوصول إلى المرحلة الثانية التي تقضي بتوفير 4.5 أمتار مربعة لكل سجين. ولكن نتيجة للحرب، حدث تراجع كبير في هذا التقدم.

منذ بداية الحرب، تم اعتقال آلاف الفلسطينيين، ويُرجح أن معظم هؤلاء من العمال غير الشرعيين من الضفة الغربية. في هذا السياق، تم تشريع أمر مؤقت في تاريخ 18.10.2023، يسمح لمصلحة السجون بتجاوز المعيار الأدنى البالغ 3 أمتار مربعة كل سجين، وكذلك تجاوز الالتزام بتوفير سرير لكل سجين. وبموجب هذا القانون، تم تخويل مديري السجون بإدخال المزيد من الأسرّة والفرشات إلى الزنازين، واحتجاز السجناء في ظروف اكتظاظ غير إنسانية خلال إعلان حالة طوارئ في السجون. ينص الأمر المؤقت على أن هذه التدابير ستُتخذ أولاً ضد الأسرى الأمنيين، ولن تُطبق على السجناء الجنائيين إلا إذا كانت الضرورة الأمنية تقتضي ذلك مباشرة. وقد تم رفض التماس قدمته منظمات حقوقية ضد هذا الأمر المؤقت في بداية الحرب.

في جلسة استماع عقدت في المحكمة العليا بتاريخ 20.5.2024، تبين أنه من المتوقع أن يستمر الاكتظاظ في التفاقم بسبب الحرب، إلى جانب مطالبة مصلحة السجون باستيعاب المعتقلين المحتجزين في منشآت الجيش الإسرائيلي. كما أنه من غير المتوقع أن تتمكن الدولة من تلبية مطلب زيادة مساحة المعيشة لكل سجين إلى 4.5 متر مربع قبل عام 2027. ووفقًا لتقرير وزير الأمن القومي، كان هناك تاريخ 12.9.2024، كان هناك 22,769 سجينًا محتجزين في المرافق التابعة لمصلحة السجون، مقارنة بـ 16,353 قبل اندلاع الحرب. وقد تم احتجاز 58% منهم في مساحة معيشية تقل عن الحد الأدنى المقرر وهو 3 أمتار مربعة، بحسب قرار المحكمة العليا؛ وهذا الرقم يشمل حوالي 92% من الأسرى الأمنيين و31% من السجناء الجنائيين. ومن بين العواقب الوخيمة للاكتظاظ الحاد، تفشي وباء الجرب (سكابيس) في السجون.

تشديد ظروف احتجاز الأسرى الأمنيين

مع بداية الحرب، نُشرت في وسائل الإعلام رسالة من مفوضة مصلحة السجون ووزير الأمن القومي، تفيد بأن "جميع السجون ستدخل في حالة طوارئ". لم يتم توضيح معنى حالة الطوارئ في بيانات مصلحة السجون أو وزارة الأمن القومي، إلا أنه تم التأكيد على أن حركة الأسرى الأمنيين تم تقييدها إلى الحد الأدنى وأنهم محبوسون في زنازينهم.

ويتضح، بناءً على المعلومات التي وردت إلى مراكز تلقي الشكاوي الخاصة بالمنظمات المعنية بحماية حقوق الأسرى، أنه قد طرأت تغييرات جذرية في سياسة مصلحة السجون تجاه المحتجزين منذ الإعلان عن حالة الطوارئ. لقد تم تقييد أو سلب حقوق أساسية مثل إمداد إلى المياه والكهرباء، وتلقي الرعاية الطبية، وحق التشاور مع المحامين بشكل كامل أو جزئي. إلى ذلك، تم رفض التماس قدمته جمعية حقوق المواطن ومنظمات أخرى، بعد أن أوضحت الدولة أن القيود المفروضة تستند إلى أسباب أمنية، وزعمت أن الحقوق الأساسية، مثل الوصول إلى الرعاية الطبية وزيارات المحامين، لا تزال محفوظة.

بعد اندلاع الحرب، أفادت شهادات الأسرى ومحاميهم، وكذلك تصريحات ممثلي مصلحة السجون ووزير الأمن القومي، بأن مصلحة السجون تتبع سياسة تجويع تجاه الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين. وفي أعقاب التماس قدمته جمعية حقوق المواطن وجمعية "جيشا"، تم تعديل القائمة الغذائية المقدمة للأسرى الأمنيين، لكنها لا تزال محدودة وتختلف عن تلك المقدمة للسجناء الجنائيين وللأسرى الأمنيين اليهود. هذا، ولا يزال الالتماس يراوح مكانه.

أفاد الأسرى الأمنيون في جميع منشآت الاحتجاز بتعرضهم للتعذيب والعنف الشديد من قبل الحراس. وفقًا لتقرير المفوض السامي للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 31.7.2024، توفي 53 أسيرًا أمنيًا من سكان الضفة الغربية في السجون ومنشآت الاحتجاز العسكرية منذ اندلاع الحرب. ولا تزال ظروف وفاة هؤلاء غير واضحة، لكن هذا العدد من الوفيات غير مسبوق في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة. ومنذ اندلاع الحرب، تمنع إسرائيل ممثلي الصليب الأحمر من زيارة مرافق الاحتجاز، وتوقفت عن تزويد الصليب الأحمر بمعلومات حول المعتقلين المحتجزين لديها. وقد قدمت جمعية حقوق المواطن ومنظمات شريكة التماسًا إلى المحكمة العليا في هذا الشأن، لكن الدولة تتجنب تقديم رد وقدمت بالفعل 13 طلب تأجيل. بسبب التأجيلات، أصدر المحكمة العليا أمرًا مشروطًا في الالتماس وحدد جلسة للنظر فيه في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر.

بعد اندلاع الحرب، انتشرت أيضًا ادعاءات حول ظروف احتجاز غير إنسانية، وتعذيب وإساءة معاملة شديدة لسكان غزة الذين تم احتجازهم في القاعدة العسكرية "سديه تيمان" قبل نقلهم إلى عهدة مصلحة السجون. ووفقًا للتقارير، تم احتجاز أكثر من 1,000 معتقل في منشآت تشبه الأقفاص، بدون أسِرَّة أو أي معدات أخرى، في أوضاع مؤلمة ومقيدين بأصفاد أدت إلى حالات بتر للأطراف، مع تغطية أعينهم لفترات طويلة – حتى أثناء تلقيهم العلاج الطبي وقضاء حاجاتهم، وهم يعانون من الضرب وسوء المعاملة. وفي أعقاب التماس قدمته جمعية حقوق المواطن ومنظمات شريكة إلى المحكمة العليا، تم نقل الغالبية العظمى من المعتقلين المحتجزين هناك إلى منشآت احتجاز أخرى. وأعلنت الدولة أن هناك أعمال تحسين كبيرة تجري في المنشأة، وأن مستشفى ميداني تم ترقيته في الموقع، وأن احتجاز المعتقلين في المنشأة سيكون فقط لغرض الاستقبال والتحقيق الأولي لمدة لا تزيد عن أسبوعين.

لا يجوز احتجاز أي شخص، حتى لو كان من أسوأ الإرهابيين، في ظروف مروعة وغير إنسانية من التعذيب والتجويع. ففي مثل هذه الظروف، لا يفقد السجناء وحدهم إنسانيتهم، بل إننا نحن نفقد إنسانيتنا معهم أيضًا.

bottom of page