التمست كلٌّ من جمعيّة حقوق المواطن، ومركز "هموكيد" للدّفاع عن الفرد، وأطبّاء لحقوق الإنسان، هذا الصّباح إلى المحكمة العليا، باسم مجموعةٍ من المتضرّرين من قانون المواطنة، لمطالبة المحكمة بإلغاء القانون. وتستعرض الجمعيّات في التماسها التغييرات الدراماتيكيّة الّتي حصلت خلال العقدين الماضيين منذ سنّ قانون المواطنة للمرة الأولى سنة 2003، ومن ضمنها انعدام قدرة الجهات الأمنيّة على تبرير "الغاية الأمنيّة" للقانون.
إلى ذلك، يقدم الالتماس مسحا لسلسلة من الحلول الّتي تم التوافق عليها من قبل الكثير من أعضاء لجنة الخارجيّة والأمن البرلمانيّة، الّذين ناقشوا مسألة سنّ القانون، ولم تصدر عن جهاز الشاباك أيّة معارضة لهذه الحلول، بيد أن الحلول المذكورة لم يتم تضمينها في التشريع لاعتبارات سياسيّة فحسب: "تم الإيضاح، في جلسات الكنيست، بأن القانون كان بإمكانه تحقيق هدفه من خلال مساس أقل خطورة بحقوق الإنسان. وقد تبين أنه لا يوجد أي مبرر أمنيّ لسحب الحقوق الاجتماعيّة والتأمين الصحي الرسمي، ممن سُمح لهم بالمكوث في إسرائيل، وصاروا مع مرور السّنوات من سكّانها عمليّا، ناهيك عن منعهم من تلقي خدمات الرفاه والإسكّان، وفرض القيود على إمكانيات توظيفهم وكسبهم للرزق، ومنعهم من تلقي المساعدة القضائيّة وغيرها. وقد تم الاتفاق على انعدام وجود حجة أمنيّة تبرر عدم السماح بتسوية الحالة المدنيّة للأزواج من ذات الجنس" حسبما ورد في التماس الجمعيّات. "ومع ذلك، فإن الصياغة الّتي تم اعتمادها، تنتهك هذه الحقوق وأخرى غيرها، وذلك فقط لأن الّذين وافقوا على التصويت للقانون في القراءتين الثانية والثالثة، طلبوا بأن يمس القانون بحقوق الإنسان بصورة أخطر، من دون أن يكون للأمر أيّ هدف أمنيّ، وحتى في حين وافق جهاز الشاباك على إمكانيّة تخفيف هذه المصاعب".
بالإضافة إلى ما تقدم، يتعامل الالتماس بالتفصيل مع مجموعتين متأثرتين بصورة خاصة من قانون الجنسيّة: النساء والأطفال. ويؤكد الالتماس بأن المرأة الّتي تحمل تصريحًا أو مسجلة بصورة مؤقّتة، تقع في أسفل السلم الاجتماعي. إذ تعتمد مكانتها في إسرائيل على شريكها وعلاقتها به. وفي كثير من الأحيان، تفضل النساء الاستمرار في علاقة غير آمنة، أو مع شريك عنيف، ومحاولة البقاء مع شريكها حتى استنفاد إجراء تسوية مكانتها، وهي تسوية لا أفق محدد لتحقيقها، على أمل أن يحظين بمكانة مقيم دائم. إن المرأة الفلسطينيّة الّتي لا تريد أن تفقد مكانتها المدنيّة، وأحيانًا أطفالها، خشية من أن يتم طردها من دونهم، قد لا تتمكن من التحرر من علاقة عنيفة ومبنيّة على التنكيل.
وفيما يتعلق بالأطفال، جاء في الالتماس: "إن الأطفال الّذين ليست لديهم إقامة يكبرون ليصبحوا بالغين غير مستحقّين لأي من حقوق السكّان: الحقوق الاجتماعيّة، التعليم العالي، الحريّة في التوظيف، القدرة على قيادة السيارة، الحصول على إعانات في المسكن، وغيرها الكثير. يعني هذا كله عمليّا بأن هؤلاء الأطفال الّذين يترعرعون ويكبرون في إسرائيل، يعلمون منذ نعومة أظفارهم بأن القانون لا يتيح لهم عيش حياة إنسانيّة كاملة. ومهما كان هؤلاء موهوبين، فإنهم محكومون، بموجب القانون المؤقّت، بمسار حياة محدود ومعدوم الإمكانيات، كما أنهم محكومون، قانونًا، بالمشقة في كسب الرزق، والفقر، والضائقة".
هذا، وقد قالت الجمعيّات الملتمسة: ""أتيحت الفرصة أمام الكنيست لإلغاء قانون عنصريّ ومبنيّ على التمييز، يَسِمُ الفلسطينيّين جميعًا بوصفهم خطرًا أمنيًّا، من دون إجراء أي فحص على أساس فردي. وبدلًا من ذلك، فقد اختار أعضاء الكنيست إعادة ترسيخ المساس بحقوق الإنسان بقصد التسبّب بالأذى، ومراكمة المصاعب، وتحقيق الضّرر، من دون علاقة للأمر بالاحتياجات الأمنيّة. لقد توجّهنا بالتماسنا إلى المحكمة العليا لأنه لن يمكن الإبقاء على قانون يعمّق التمييز المرفوض بين مواطني وسكّان الدّولة العرب واليهود، بشأن حقّهم في الحياة الأسريّة في إسرائيل، ويمس بسلسلة طويلة من الحقوق الأساسيّة، ويفصل بين الأزواج، وبين الأهالي وأطفالهم، ويقوّض قيم الدّولة الديمقراطيّة.